ما هو القسر الاشعاعي ؟

المركز العربي للمناخ – المهندس احمد العربيد

القسر الإشعاعي (Radiative Forcing) هو مفهوم مهم في علم المناخ يُستخدم لقياس تأثير مختلف العوامل على توازن طاقة الأرض. يعبر القسر الإشعاعي عن التغير في التدفق الإشعاعي (الفرق بين الطاقة الشمسية الواردة والطاقة التي تشعها الأرض إلى الفضاء) الناتج عن عوامل طبيعية أو بشرية. يُقاس القسر الإشعاعي بوحدات واط لكل متر مربع (W/m²).

العوامل المؤثرة في القسر الإشعاعي

1. العوامل الطبيعية:
   • التغيرات في الإشعاع الشمسي: تغييرات في النشاط الشمسي تؤثر على كمية الطاقة التي تصل إلى الأرض. هذه التغييرات يمكن أن تكون دورية مثل الدورات الشمسية التي تحدث كل 11 عامًا.
   • الثورات البركانية: الثورات البركانية تطلق كميات كبيرة من الجسيمات (الهباء الجوي) والغازات في الغلاف الجوي، مما يمكن أن يحجب ضوء الشمس ويؤدي إلى تبريد مؤقت للكوكب.
2. العوامل البشرية:
   • انبعاثات غازات الدفيئة: غازات مثل ثاني أكسيد الكربون (CO₂) والميثان (CH₄) تمتص الأشعة تحت الحمراء التي تشعها الأرض وتحتفظ بها، مما يؤدي إلى زيادة القسر الإشعاعي وإحترار الكوكب.
   • الهباء الجوي البشري المنشأ: الأنشطة الصناعية والزراعية تطلق جسيمات دقيقة في الغلاف الجوي، يمكن لبعضها أن يعكس ضوء الشمس ويقلل من القسر الإشعاعي، بينما يمكن للبعض الآخر أن يمتص الحرارة ويزيد من القسر الإشعاعي.
   • تغيرات في استخدام الأراضي: إزالة الغابات والزراعة والتوسع العمراني تؤثر على انعكاس الطاقة الشمسية وامتصاصها، مما يمكن أن يغير القسر الإشعاعي.

أنواع القسر الإشعاعي

1. القسر الإشعاعي الإيجابي:
   • يؤدي إلى احترار الكوكب. يحدث عندما تكون الطاقة الواردة من الشمس أكبر من الطاقة المشعة إلى الفضاء، نتيجة لزيادة غازات الدفيئة مثلاً.
2. القسر الإشعاعي السلبي:
   • يؤدي إلى تبريد الكوكب. يحدث عندما تكون الطاقة المشعة إلى الفضاء أكبر من الطاقة الواردة، مثل تأثير الهباء الجوي الناتج عن الثورات البركانية.

أهمية القسر الإشعاعي في تغير المناخ

القسر الإشعاعي يُعتبر مؤشراً مهماً لفهم كيفية تأثير مختلف العوامل على مناخ الأرض. من خلال قياس القسر الإشعاعي، يمكن للعلماء:

1. تقييم تأثيرات العوامل المختلفة:
   • تقدير مدى تأثير كل عامل (مثل غازات الدفيئة أو الهباء الجوي) على توازن طاقة الأرض.
2. تطوير النماذج المناخية:
   • استخدام بيانات القسر الإشعاعي لتحسين دقة النماذج المناخية التي تتنبأ بالتغيرات المستقبلية في المناخ.
3. توجيه السياسات البيئية:
   • توفير المعلومات اللازمة لصناع القرار لتطوير استراتيجيات التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها.

القسر الإشعاعي وتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)

تُقدم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تقييمات شاملة حول القسر الإشعاعي في تقاريرها الدورية. تقارير الهيئة تُظهر كيف تغير القسر الإشعاعي بمرور الوقت نتيجة للأنشطة البشرية والعوامل الطبيعية، مما يساعد في فهم تأثير هذه التغيرات على المناخ العالمي.

القسر الإشعاعي هو مقياس حيوي لفهم كيفية تأثير مختلف العوامل على توازن طاقة الأرض وتغير المناخ. من خلال تحليل القسر الإشعاعي، يمكننا تقدير مدى تأثير النشاط البشري والطبيعي على الاحترار العالمي، مما يساعد في تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة تغير المناخ.