المركز العربي للمناخ
Image default
دراسات وأبحاث

تذبذب الرياح المدارية وتذبذب طول اليوم في كوكب الأرض .. خواطر في الفيزياء المناخية

.المركز العربي للمناخ –

حينما خلق الله هذه الأرض وجعل لها نظامها المتفرد بين كواكب المجموعة الشمسية
نظاما يحوي حياة متعددة الأنواع ، يتوفر لهذه الحياة ومن فيها من الأحياء فرصة نادرة 

إن الأرض وهي تحظى بهذا الاصطفاء من بين كواكب المجموعة الشمسية .. تنال فرصة نادرة

فرصة نادرة .. لنا نحن أيضا .. تتمثل في الاطلاع على الكواكب المجاورة لكوكب الأرض وهي تخلو من الأحياء وأشكال الحياة

ليزداد الكائن الحي تأملا في هذه الفرصة التي جاءته اختيارا واصطفاء
  
:::

وعبر سبر مليارات وملايين السنين الماضية من عمر كوكب الأرض

اكتشف العلماء أن الأرض المبكرة الأولى كانت أسرع منها اليوم ، وأن ساعات اليوم في ماضي الأرض السحيق كانت أقصر منها اليوم

​ وأن عدد أيام السنة في الأرض كان أكبر منه في هذا العصر .. عصر الأرض الفتيّة

قبل 4 مليارات من السنين الماضية .. كانت الأرض أسرع منها اليوم بشكل كبير ، فقد كان اليوم في الأرض عبارة عن 6 ساعات فقط

إننا لو مضينا إلى الوراء الغابر من عمر الأرض حتى اليوم لوجدنا أن هناك نموا أُسّيا
​يعطي دلالات جلية على أن الأرض تتباطأ حقيقة  

من خلال الجدول التالي للزمن القديم من عمر الأرض المبكرة الأولى من 4 مليار سنة مضت حتى آخر 65 مليون سنة مضت
وفي الجدول أيضا طول ساعات اليوم في الأرض وعدد أيام السنة الأرضية ومتوسط درجات حرارة كوكب الأرض وقطر الأرض​

Picture


إن مثل هذه الجداول .. تبين واقع تباطؤ الأرض في الأروقة العلمية

لا أظن أن هناك انتظامية في سرعة دوران الأرض كمثل انتظامية هذا الجدول
​ فالأرض شديدة التذبذب والتغير في سرعة دورانها على المدى السحيق ، وليست بهذا التنظيم الذي ابتدعته قيم النمو الأسّية أو المتوسطات
المتحركة

ولكننا في أروقة البحث العلمي معتادون على مثل هذا التنظيم والتبسيط والاستدلال
​ الاستدلال بذلك لإبداء وجهة نظر قابلة للنقد والتغيير حول تلك الحقائق

إننا كبشر نسكن الأرض .. نحاول دوما المواءمة بين حقيقتين تشكلان عالمنا : الكون الذي نعيش فيه ونطل من نافذته الصغيرة (الأرض) والحقيقة العظمى التي تختزلها أجسامنا .. وهي حقيقة الوعي الذي يُفتتح دوما بالأسئلة ويُختتم دوما بالإجابات
التي تجلب العلم والإيمان ومعارف شتى

تلك الحقائق ، الكون والوعي ، موجهة إلى البحث عن تحقيق إجابات كثيرة يولّدها لدينا الوعي

ما بين حقيقة الكون وحقيقة الوعي تنساب معرفتنا البشرية وإيماننا ونظل دوما ننظر ونبحث عن الأسئلة الحائرة في أذهاننا
عن إجابات تتواءم بين الكون والوعي لينشأ العلم والإيمان

ومن هنا جاء الوصف القرآني العظيم دالا على ذلك​

Picture


في هذا العصر الذي نعيش فيه .. فإن عدد أيام السنة 365 يوما في المجمل ، بينما عدد ساعات اليوم 24 ساعة تقريبا
​أي أن الأرض في هذا العصر أبطأ بكثير من العصور القديمة الغابرة


​ومنذ اكتشاف الساعات الذرية – السيزيوم

Atomic Clock​​

Picture

منذ ذلك الاكتشاف ، والعلماء يعلمون جيدا وبشكل واضح لا شك فيه ، أن سرعة دوران الأرض حول نفسها يعتريها الكثير من التذبذب

إن الأرض لا تمتلك سرعة ثابتة في الواقع ، بل هناك تذبذب يحدث كل يوم في سرعتها فضلا عن التذبذب الموسمي والسنوي

ولأجل ذلك كان هذا الموضوع لإلقاء وجهة نظر تلخص شيئا مما يجري وعلاقته بالقيمة الموازية : تذبذب المناخ

:::

لماذا تباطأت الأرض بهذا الشكل ؟

هناك عدة أسباب لهذا التباطؤ ، وهناك عدة أشكال لهذا التباطؤ

يقسّم العلماء هذه القضية إلى عدة أقسام ، ولعلي أقوم بطرح هذه الأقسام بأسلوب مختلف ومبسط
نظرا لكثرة الآراء التي ليس لها جامع يجمع بينها ، وأضع في آخر هذا الطرح معظم الأسباب التي تضفي تشتتا على المعلومات

أنا مضطر لتنظيم هذه المعلومات في أول الأمر لتنتظم هذه القضية المتشعبة في أذهاننا

فأقول

هناك أسباب طويلة الأمد خارج نظام الأرض ، وأسباب قصيرة الأمد داخل نظام الأرض تساهم مجتمعة في تشكيل هذا التغير والتذبذب
​في طول اليوم في الأرض

أي أن هناك ظاهرة خارج نظام الأرض ظلت تجذب الأرض إلى البطء على مدى طويل من الزمن ، بينما هناك أسباب قصيرة تتذبذب خلالها سرعة دوران الأرض بين البطء والسرعة وهي ظواهر داخل نظام الأرض


أولا

يرجع العلماء السبب في تباطؤ الأرض خلال هذه الفترة التي نعيشها مقارنة بالحقب الزمنية الماضية والسحيقة ، إلى القمر
​الذي ابتعد عن الأرض كثيرا مقارنة بالحقب الماضية والتي كان فيها القمر أقرب إلى الأرض

ولك أن تتخيل أن القمر كان في الحقب الأولى من عمر الأرض المبكرة يبعد ما بين 12 ألف كم إلى 22 ألف كم عن الأرض فقط

أما اليوم فهو يبعد عن الأرض قريبا من 400 ألف كم في المتوسط

إن السبب الأول لتباطؤ سرعة دوران الأرض هو ابتعاد القمر عن الأرض

​ هذا السبب هو الظاهرة التي ظلت على طول المدى تجذب الأرض إلى التباطؤ شيئا فشيئا

يؤكد العلماء أن القمر يبتعد عن الأرض كل عام 3.8 سم

مع هذا الابتعاد هناك اختلاف يحدث في عدة أمور ، منها : سرعة دوران الأرض التي ستتباطأ وأيضا قوة المد والجزر التي ستتناقص

هذا يعطينا تصورا لضخامة ظاهرة المد والجزر وآثارها الضخمة في كوكب الأرض خلال الأزمنة السحيقة من عمر الأرض
​والتي دلّت عليها الأحافير حينما كان القمر قريبا من الأرض أكثر من العصور القريبة والحالية

​هذا السبب يعتبر سببا رئيسيا في هذه القضية عند الكثير من العلماء .. هو ابتعاد القمر عن الأرض 

وفي الواقع أن القمر في هذا العصر أيضا يعتريه التذبذب في بعده وقربه عن كوكب الأرض
​ وليست هذه القضية مثالية وتخلو من التشعّب

إن ظاهرتي القمر العملاق 
 Super Moon

أو القمر الصغير
Micro Moon

هما شكل من أشكال ذلك التغير في المسافة والبعد بين القمر والأرض

وهما يُعرفان أيضا بقمري الحضيض والأُوَج
Perigee
Apogee

في الواقع ، أن سرعة الأرض تكون أعلى في الملي ثانية عند فترة ظهور القمر العملاق لقربه من الأرض
​ وبالمقارنة تكون أبطأ بقليل في الملي ثانية عند فترة ظهور القمر الصغير لبعده عن الأرض

وكذلك الظواهر المناخية تختلف عندهما فضلا عن الظواهر الجيولوجية المتصلة بقشرة الأرض كالمد والجزر

هنا جدول – أورده كمثال – على اختلاف المسافة بين القمر والأرض وظاهرتي القمر العملاق والقمر الصغير
لاحظ أن المسافة ليست ثابتة وبالتالي فالسرعة ستختلف قطعا

Picture


—–
​​
في هذا القسم في الواقع فإنني أرشح ثلاثة أسباب أخرى جعلت الأرض تتباطأ رويدا رويدا خلال مليارات وملايين السنين الماضية  
وأيضا ساهمت في ابتعاد القمر عن الأرض ، لأن القمر تتأثر حركته بما يحدث في الأرض وعلى القمر نفسه أيضا
​​

السبب الأول : النيازك والكويكبات التي كانت تضرب الأرض والقمر بشكل رهيب في حقبة تكونهما الأولى
خاصة ما كان منها خلال المليار سنة الأولى من عمر الأرض والقمر

تلك النيازك والكويكبات التي كانت متصلة التتابع في رجم الأرض خلال 20 مليون سنة من تلك الحقبة السحيقة

أدت هذه النيازك والكويكبات عبر الاصطدام والاحتكاك
​إلى تبطئة سرعة دوران كوكب الأرض وخفض حرارة الأرض وزيادة كتلة الأرض
وعلى الأرجح من النظريات العلمية أن الماء جاء عن طريق تلك الكويكبات 

ولعل من يريد التوسع في ذلك يقرأ عنه وعن النظريات المتعددة في ذلك في التأريخ المبكر للأرض

Early History of the Earth

السبب الثاني : العصور الجليدية التي تعاقبت على كوكب الأرض .. أدّت بشكل كبير إلى تبطئة سرعة دوران كوكب الأرض
خاصة في المليار الثاني من عمر الأرض وكذلك قبل 700 مليون سنة
​ فقد كان العلماء يتخيلون كوكب الأرض وهو أبيض من الجليد الذي غطى الأرض​

Picture


السبب الثالث : الحجارة الصغيرة بحجم حبة الزيتون وأصغر ، والغبار الكوني الذي لا يزال إلى اليوم يسقط على الأرض يوميا 
والذي يقدره العلماء اليوم أن الأرض يسقط عليها من الغبار الكوني يوميا ما بين 5 إلى 300 طن متري

أي أن الغبار في الأرض ليس كله بالضرورة من الصحاري ، بل هناك جزء لاشك أنه كبير على مدى مليارات السنين كان ولا يزال إلى اليوم يأتي من الفضاء الخارجي .. وهو ما يعرف اليوم بالغبار الكوني

Cosmic Dust

أي أن هناك كتلة تضاف يوميا إلى الأرض بجانب الكتلة التي تفقدها ، وهناك تغير حراري في كوكب الأرض سببه كمية الهباء الجوي الدخيل على الأرض

للتوسع في ذلك


ثانيا

الأسباب المتعددة ذات الزمن القصير – الموسمي – والتي تؤثر في سرعة دوران الأرض حول نفسها وتؤدي إلى تذبذب طول اليوم في الأرض بين الزيادة في عدد الثواني فيه وبين التناقص

اليوم في الأرض خلال 24 ساعة ، هو يعرف عادة بعدة مسميات كلها تختلف في المضمون وتتفق في النتائج تقريبا

​ فهناك اليوم الفلكي واليوم النجمي واليوم الشمسي

أيا كانت الطريقة لقياس اليوم مع فارق يسير بين ذلكم في المدة ، إلا أن الدلالة متقاربة في اكتشاف التذبذب في طول اليوم الأرضي

على سبيل المثال ، اليوم الشمسي في الأرض يقاس عادة بمرور ظهيرتين في موقع محدد
أي : من ظهر اليوم إلى ظهر الغد هو يعني اكتمال يوم واحد ، وعدد الثواني فيه تقاس بهذه العملية المبسطة

24 X 60 X 60 = 86,400

وفي مقاييس الملي ثانية ، لأنها تهمنا كثيرا ، عدد ثواني اليوم في الأرض

86400000 Millisecond

ومن هنا جاءت حاجة علماء الفلك وكل من له علاقة بزمن الأرض إلى التأريخ بواسطة اليوم الجولياني

Julian day

الذي هو عبارة عن عدد الأيام التي مرت قبل الميلاد بـ 4713 في ظهيرة اليوم الأول من يناير
حتى اليوم

حيث التأريخ بهذا التقويم هو 

Julian Day: 2458670.5

والعلماء حاليا يتبعون اليوم الجولياني المعدّل 

مثلا : اليوم هو 6 يوليو 2019 وهو بالتأريخ الجولياني المعدل

Modified Julian Day: 58670

التذبذب في طول اليوم على الأرض دفع العلماء إلى التأريخ بهذا التقويم غير المتشابه
​والذي يتميز بأنه أشبه بالعدّاد للأيام التي مضت

هذا العداد الزمني يجعل من الظهيرة بداية لتحديد اليوم الجديد في الأرض ، وهو المعروف عنه علميا باليوم الشمسي

Solar Day

هنا تعريف مبسط لهذا اليوم

Although a simple definition of a day is the time it takes for a planet, satellite or other celestial body to complete one rotation about its axis, two alternative definitions exist. The sidereal day is measured with respect to the stars, while the solar day is the length of time measured from noon to noon. By noon, we mean the time when the Sun passes the celestial meridian, reaching its maximum height in the sky.

As the Earth turns on its rotation axis, it also moves along its orbit around the Sun. This means that the time between successive noons is slightly longer (by about 4 minutes) than the actual rotation period of the planet. In addition, the Earth does not move at a constant speed throughout its orbit, so the apparent motion of the Sun along the ecliptic changes speed from day to day.

To simplify this situation, a fictitious mean Sun is introduced. This is identical to a Sun that was moving at a constant speed along the celestial equator (rather than the ecliptic). The speed chosen is the average speed of the Sun’s ecliptic motion, leading to a mean solar day of 24 hours.

Picture

[COSMOS – The SAO Encyclopedia of Astronomy]​

​:::::

خلال هذا الجزء ، هناك مجموعة من الظواهر في كوكب الأرض تتسبب في تذبذب دوران الأرض

نستطيع تقسيمها إلى قسمين

القسم الأول – لا أميل إلى دراسته الآن : يتعلق بمدار الأرض حول الشمس 

والقسم الثاني – مهم : يتعلق بطبيعة الأرض وأحداثها المختلفة : كالزلازل والمحيطات والرياح العالمية وتذبذب المجال المغناطيسي للأرض ، والأمطار والأمواج البحرية الضخمة .. وحركة صهارة جوف الأرض وحركة الصفائح في الأرض​ ، والثلوج الموسمية



القسم الأول : طبيعة مدار الأرض حول الشمس

مدار الأرض حول الشمس خلال السنة يتصف بأنه بيضاوي الشكل
حيث تقترب الأرض من الشمس في شهر يناير من كل عام فتزداد سرعة دوران الأرض حول الشمس
وأيضا تزداد سرعة دوران الأرض حول نفسها تأثرا بهذا القرب

وخلال شهر يوليو تبتعد الأرض عن الشمس​ فتتباطأ سرعة دورانها حول الشمس
​ وأيضا تتباطأ سرعة دوران الأرض حول نفسها تأثرا بهذا البعد

هذا يعرف عادة عند الفلكيين بالأُوَج والحضيض

وهو ملخص لقانون كيبلر الثاني ، كما في هذا الفيديو التوضيحي لهذا القانون


هذا القسم الأول من الصعب إيجاد علاقة متوافقة بينه وبين القسم الثاني
وهو التغيرات العشوائية – التذبذب القصير – في طول اليوم على الأرض
​لأن تلك التغيرات العشوائية تحدث داخل تلك الفترة غالبا بشكل متضاد

على سبيل المثال : تزداد سرعة الأرض شتاء بسبب قرب مدارها من الشمس ، ولكن في الواقع أن تذبذب سرعة الأرض بشكل عشوائي أكثر ما يشاهد خلال هذه الفترة الشتوية وتميل سرعة الأرض إلى التباطؤ خلال فصل الشتاء أكثر من فصل الصيف
الذي تكون فيه سرعة دورانها أكبر من الشتاء
​​

ولا يمكنني الربط بين هذا القسم وبين التغيرات في طول اليوم على الأرض

إن تباطؤ سرعة دوران الأرض من خلال البيانات التي تسجلها المراصد كمرصد باريس لا تعطي نتيجة أن لمؤشر التغير في الزيادة على طول اليوم في الأرض علاقة بحركة الأرض في مدارها حول الشمس

لذلك هذه الجزئية أتوقف عندها .. حتى أجد رابطة لذلك
​​
:::
:::

القسم الثاني : الظواهر الداخلية في كوكب الأرض
​وآثارها على طول اليوم في الأرض


نستطيع تقسيم هذا الجزء من الأسباب التي تدعو الأرض إلى أن تتذبذب في سرعتها إلى جزأين

الجزء الأول : التذبذب المعتاد في سرعة دوران الأرض
والجزء الثاني : التذبذب غير المعتاد في سرعة دوران الأرض

​:::


الجزء الأول : التذبذب المعتاد في سرعة دوران الأرض حول نفسها


التذبذب المعتاد حدوثه ، أعني به أن الأرض تميل للتباطؤ بقدر محدد في الملي ثانية خلال الفترة من الخريف إلى فصل الربيع
وتصل لذروة التباطؤ عادة خلال فصل الشتاء

بينما تميل الأرض إلى التحرر من التباطؤ المعتاد خلال فصل الصيف ، فتعود إلى سرعتها المعتادة وأحيانا تصبح أسرع من المعتاد

السبب في وجود هذا التذبذب المتباين بين الفصول الباردة في شمال كوكب الأرض كالخريف والشتاء والربيع وبين فصل الاحترار وهو الصيف

يكمن في عدة أسباب منها ضعف اقتران الغلاف الجوي بحركة الأرض ، أعني بذلك تناقص نشاط الرياح العالمية صيفا

​والأهم في هذا الأمر هو تذبذب كتلة الجليد والثلوج في شمال كوكب الأرض ، هذا على أرجح الأبحاث العلمية في هذا الشأن
​ وأكثرها قربا من الواقع ومن القوانين الفيزيائية

تتباطأ الأرض بسبب زيادة كتلة الجليد في نصف الكرة الأرضية الشمالي خلال أشهر الخريف والشتاء والربيع
وتعود إلى سرعتها المعتادة وربما أسرع من المعتاد في الملي ثانية خلال أشهر الصيف نظرا لتقلص مساحة كتلة الجليد والثلوج

وهذا الجزء يلخصه مؤشر الزيادة على طول اليوم في الأرض

Excess Of The Length Of Day

عبر مرصد باريس


من خلال المؤشر : صعود التذبذبات بشدة في الملي ثانية خلال أشهر الخريف والشتاء والربيع – هذا يعني تباطؤاً في سرعة دوران الأرض
وتواجد الزيادة الزمنية – الثواني الكبيسة – على زمن طول اليوم في الأرض

​وهبوط التذبذبات بشدة خلال أشهر الصيف – هذا يعني أن سرعة في دوران الأرض في تزايد ، وبالتالي هناك تناقص في الزيادة على طول اليوم ولا حاجة إلى إضافة الثواني الكبيسة على زمن طول اليوم في الأرض

مظهر معتاد في سرعة دوران الأرض وتذبذب طول اليوم فيها على هذا المدى

Picture


وللفيزيائي الفلكي في وكالة ناسا الأمريكية .. ريتشارد غروس .. وصف مختصر في هذا الجانب ، حيث يقول

“The earth’s rotation changes on many different timescales because of all sorts of different factors,” says Richard Gross, a NASA physicist who studies the subject. “Basically, anything that substantially changes the distribution of mass throughout the earth will do it.” [vox]

وأيضا رايان هاردي

However, for the last 12,000 years or so, there’s been another factor working in the opposite direction, speeding up earth’s rotation by about .6 milliseconds every century: the melting of glacial ice.

“During the last ice age, the weight of ice sheets in North America and Antarctica pushed mantle mass very slightly toward the equator,” says Ryan Hardy, a PhD student in geodesy at the University of Colorado.

As ice disappears, the land below it springs back up very slightly — currently, at rates of a centimeter or so per year in these polar regions — which means that there’s slightly more mass at the poles, and less at the equator. [vox]

يشير رايان هاردي إلى الحقيقة العلمية المسماة اليوم ، ولم تعد نظرية ، بل حقيقة علمية

Glacial Isostatic Adjustment

وهي تعديل في ارتفاع سطح الأرض نتيجة ذوبان الجليد

هذا التعديل في الغالب يكون ارتفاعا في سطح الأرض نتيجة ذوبان كتلة الجليد التي كانت تضغط عليه في السابق
يوازيه أيضا انخفاض في مناطق أخرى تأثرا بتلك التغيرات

إن هذا التأثير يشبه تماما حينما تضغط بيدك على قطعة إسفنج ، فتراه ينخفض
​وحينما ترفع يدك عنه يعود الإسفنج إلى الارتفاع شيئا فشيئا ، هذا هو تماما مفهوم

​Glacial Isostatic Adjustment

وهو التسمية الحديثة لما كان يعرف بـ
​Postglacial Rebound

Picture

Generalized process of glacial isostatic adjustment. The top panel illustrates the effects when the Earth’s surface is loaded by a heavy ice sheet. The lower panel shows the rebound effects once the ice sheet is removed. Figure courtesy of the Canadian Geodetic Survey, Natural Resources Canada


​هذا الأمر يتسبب في تذبذب سرعة دوران الأرض خلال الفترات بين الخريف والشتاء والربيع وبين الصيف
​وهو يحدث على مدار العام

​إن أي تغيير في توزيع الكتل الكبرى على سطح الأرض كالجليد في شمال الكرة الأرضية يجعل من الأرض تتذبذب في سرعة دورانها

Picture

A model of present-day mass change due to post-glacial rebound and the reloading of the ocean basins with seawater. Blue and purple areas indicate rising due to the removal of the ice sheets. Yellow and red areas indicate falling as mantle material moved away from these areas in order to supply the rising areas, and because of the collapse of the forebulges around the ice sheets.
اللون الأزق : ارتفاع في مستوى سطح الأرض – واللون الأحمر والأصفر : انخفاض في مستوى سطح الأرض


​وليس فقط هذا التغيير هو الوحيد الذي يحدث ، بل إن محور دوران الأرض في القطب الشمالي يختلف ويتزحزح هو الآخر
تأثرا بجملة من الأسباب ، من ضمنها هذا السبب

فكلما تذبذبت سرعة الدوران في كوكب الأرض ، كلما أخذ المحور ينحرف ويترنح

​محور دوران الأرض الوهمي .. هو الخط 

​Z

Picture

لذا فإن المحور لا يثبت على حال ، بل يتغير وينحرف ، وهو هنا عبر مرصد باريس خلال الفترة من يونيو 2015 حتى يونيو 2019

الدائرة الأكبر المرسومة في صيف 2016 على سبيل المثال أكبر من الدائرة المرسومة صيف 2019
وهي تدل على تذبذب طول اليوم وتباطؤ الأرض المختلف بينهما 

​فقد كان عام 2016 أبطأ من عام 2019 لذلك رسم المحور في 2016 دائرة أوسع

Picture

​الجزء الثاني : التذبذب غير المعتاد في سرعة دوران الأرض


هذا الجزء شديد التنوع من ناحية الأسباب ، وهو مجال رحب لخيال العلماء وفرضياتهم وأبحاثهم

وهو ينبني على الكثير من الظواهر غير المنضبطة – العشوائية وغير المعروفة تماما – كالتي تتعلق بباطن الأرض والصهارة
في جوف الأرض وحركتها ، والمجال المغناطيسي للأرض والنشاط الشمسي المتمثل بالبقع الشمسية المتصل به
وكذلك البراكين والزلازل الأرضية الكبرى ، وحركة القشرة الأرضية واتصالها بذلك 

وكذلك حركة المناخ في كوكب الأرض وتذبذب الرياح المدارية والعالمية وما يتصل به من حركة تيارات المحيطات
​وهو يعتبر الجزء الأكثر ملاحظة في هذا الشأن

كل هذه العوامل تطيل أو تقصّر من اليوم في الأرض في الملي ثانية ، وهي ذات العلاقة بالجزء الأول 

Picture


إن أكبر الأنظمة تأثيرا في طول اليوم على الأرض وتذبذب سرعة دوران الأرض هو الزخم الزاوي للغلاف الجوي للأرض
فكلما ارتفع زخم دوران الغلاف الجوي كلما تباطأت الأرض وصولا حتى 3 ملي ثانية

وأكبر الأنظمة في الغلاف الجوي تأثيرا على باراميترات توجه الأرض والزخم الزاوي للغلاف الجوي

هو تذبذب الرياح المدارية والعالمية والمعروف بتذبذب مادن جوليان

​ الذي ينتج عن أنشطته الكبيرة جدا حركة كتل ضخمة من المياه والهواء – حركة جماعية – للغلاف الجوي وتيارات المحيطات

مما يبطئ من سرعة دوران الأرض حول نفسها ويطيل اليوم في الأرض في الملي ثانية

هنا مؤشر الارتباط بين تذبذب تغيرات طول اليوم في الأرض
Length Of Day Change

وبين الزخم الزاوي للغلاف الجوي والمحيطات مجتمعين خلال الفترة بين 6 يوليو 2017 حتى 6 يوليو 2019
Atmospheric Angular Momentum + Oceanic Angular Momentum (OAM)

​ولاحظ حجم الارتباط بينهما

Picture


​إن الفلسفة الفيزيائية التي تجعل من العلماء يربطون بين تذبذب تغيرات طول اليوم في الأرض وبين الزخم الزاوي للغلاف الجوى والمحيطات

الذي ينتج غالبا من أنشطة تذبذب الرياح المدارية والعالمية

هو المدى الذي يؤثر فيه الغلاف الجوي بالاحتكاك عند حركته بسطح الأرض

إذ كلما نشط الغلاف الجوي ترافق مع نشاطه حركة تيارات المحيطات
​وبالتالي ينتج هناك احتكاك مستمر يقاوم حركة الأرض ويبطئ من سرعة دوران الأرض في الملي ثانية

ولعل خريطة الفلكي الفيزيائي الفرنسي سبيستيان لامبيرت توضح ذلك

Sébastien Lambert

تطرف قوى الاحتكاك لمتوسط الفترة بين 30 يونيو 2019 حتى 07 يوليو 2019

Picture

اللون الأرجواني يدل على وجود قوى احتكاك أعلى من المعدلات واللون الأخضر الفاتح عكس ذلك

زيادة قوى الاحتكاك يدل على أن الأرض ستتباطأ وأن طول اليوم سيتزايد في الملي ثانية

وهنا صورة متحركة من هذا المتغير

Picture


هناك قوتان تساهمان في عرقلة سرعة دوران الأرض عند نشاط الغلاف الجوي وتعاظم حركته الكلية

​ بالإمكان مشاهدتهما وحساب تأثيرهما 

هُمَا : الجبال والمحيطات

حينما ينشط الغلاف الجوي فوقهما يوفران قدرا كبيرا من القصور في سرعة دوران الأرض وتبطئة دورانها في الملي ثانية

هذا مؤشر – مثال – يقيس مدى قوى الاحتكاك فوق الجبال ، ارتفاع المؤشر يعني أن هناك نشاطا للغلاف الجوي وتناميا في الاحتكاك بين الغلاف الجوي وبين الجبال ، وهو أحد النماذج التي تبسط فهم هذه القضية

Picture


ما هي أكثر سلسلة جبلية تؤثر في طول اليوم على الأرض ولها ارتباط بنشاط الغلاف الجوي ؟

في الواقع معظم الجبال لها تأثير في سرعة دوران الأرض حينما يتعاظم احتكاك الغلاف الجوي بها بحسب كل موسم وآخر
​​
ولكن أكثرها هي السلاسل الجبلية في أمريكا الشمالية ، وبشكل أكبر سلسلة جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية ، فهي تمتد من أقصى الجنوب إلى الشمال على طول شاسع قرابة 7000 كم وهي تبدو في المؤشر أعلاه كأكثر الجبال تأثيرا في هذا الوقت الذي هو فصل الشتاء في جنوب الكرة الأرضية
حيث الزخم الزاوي للغلاف الجوي جنوب الكرة الأرضية أكثر نشاطا من شمال الكرة الأرضية​ نظرا لوجود فصل الشتاء هناك

Picture


الزخم الزاوي للغلاف الجوي موزعا بين جنوب الكرة الأرضية وشمال الكرة الأرضية من خلال المؤشر التالي المحدد بتأريخ 10 يوليو 2019
لاحظ ارتفاع الزخم الزاوي للغلاف الجوي جنوب الكرة الأرضية

Picture


في الواقع أن لي رأيا مختلفا في هذه القضية .. ما يتعلق بتأثير الجبال على سرعة دوران الأرض بموازاة نشاط الغلاف الجوي
لعلي أتوقف عند ذلك .. فالمسألة تحتاج إلى تفصيل أكبر من وجهة نظر سبيستيان لامبيرت .. المبسطة

​محصلة هذا الجزء ، أن الغلاف الجوي بنشاطه الكبير يؤدي إلى تقليل سرعة دوران الأرض حول نفسها في الملي ثانية
عبر عدة قوى تنشأ من تلك الحركة ، أبرزها قوى الاحتكاك بين الغلاف الجوي وبين سطوح الأرض المختلفة والحركة الكلية التي تنشأ عادة من نشاط تذبذب الرياح المدارية والعالمية والذي يشمل الغلاف الجوي والمحيطات

قضايا جانبية تحتاج إلى وقفات

القضية الأولى

هل الأرض تتباطأ في الفترة الحالية التي نعيشها ؟

أعني : اتجاه التذبذبات القصيرة في طول اليوم على الأرض ، إلى أين يذهب هذه الأيام وليس القرون الماضية ؟

هل يذهب إلى المزيد من الثواني المضافة على طول زمن اليوم في الأرض .. وهي ما يعرف بالثواني الكبيسة

Leap Seconds

المضافة إلى ثواني اليوم في الأرض نظرا للتباطؤ في سرعة دوران الأرض ؟

أم إلى عدم الحاجة إلى المزيد من الثواني المضافة على ثواني اليوم في الأرض نظرا لعودة الأرض إلى المزيد من السرعة في الدوران ؟

في الواقع .. هناك تناقص في عدد الثواني المضافة إلى يوم الأرض في السنوات الأخيرة
مما يعني أن الأرض لا تتباطأ في هذا العصر الذي نعيشه
​ بل هناك اتجاه نحو التسارع في سرعة دورانها ، يوضحه هذا المؤشر بجلاء وفقا لمرصد باريس
حول التغير في طول اليوم على الأرض – في الملي ثانية خلال الفترة من السبعينات الميلادية حتى صيف 2019 الجاري

Picture


لقد احتاج العلماء في السبعينيات من القرن الفائت إلى إضافة المزيد من الثواني الكبيسة

بينما في الآونة الأخيرة ونظرا لعودة الأرض إلى التحرر من البطء وإلى سرعة أكبر من فترة السبعينات من القرن الفائت
لم يحتاجوا إلى إضافة الكثير كل عام

بل كان ذلك على فترات متباعدة كما ترى من خلال هذا الجدول التالي
الذي يختصر طول كل عام والتغير الزائد فيه بالملي ثانية​

Picture


لاحظ في الجدول أعلاه كيف كانت الثواني الكبيسة في السبعينات حتى نهاية عام 1998 متكررة

​ثم بدأ بعدها الوضع مختلفا

​ حيث عادت الأرض إلى تحررها من البطء وتزايدت سرعة دورانها مقارنة بفترة السبعينات والثمانينات والتسعينات الميلادية من القرن الفائت

لاحظ كيف كان عام 1973 زائدا عن متوسطه بثلاث ثواني في الملي ثانية
وقارنه بهذا العام 2019 الذي انخفض إلى جزء يسير من أجزاء الملي ثانية

الثانية الكبيسة المتوقع إضافتها لتحقيق التناسق بين زمن الساعات الذرية وزمن اليوم في الأرض
​ وهو تناسق محدد في شروط معيّنة – يحتاج إلى وقت مطول لشرحه هنا – سيكون في صيف 2020 على ما يبدو من الإعلان

ولكنه تحديد خاضع للتغيير .. ويرجى مراجعة منصة زمن الأرض على الشبكة

timeanddate.com

Based on current predictions, the next leap second should be added on June 30, 2020. However, since the speed of the Earth’s rotation is subject to unpredictable short-term variations, the date may still change. Once it is officially announced

في الواقع لدى العلماء وجهات نظر عدة حول أن التغير في طول اليوم على الأرض ظل مختلفا ومتذبذبا بشدة
​خلال ما يقرب من 400 سنة الماضية

إن أطول يوم – تزايد فيه زمن طول اليوم – في القرن العشرين كان في 1903 تقريبا​
يليه مطلع 1972 ثم أخذ التناقص في الزيادات يتضح بشكل أكبر

بينما أقصى تناقص في طول اليوم على الأرض فقد كان قريبا من عام 1868

Picture

القضية الثانية


عودا على أسباب تذبذب سرعة دوران الأرض وتزايد أو تناقص طول اليوم على الأرض

أطروحات متنوعة يطرحها العلماء في هذا الشأن
عودا إلى الأسباب التي تدعو إلى ذلك داخل نظام الأرض


من بين الرؤى المختلفة حول تذبذب سرعة دوران الأرض حول نفسها
والمستمدة والمستنتجة معرفيا من مَعْلَمات – بارامترات – توجه كوكب الأرض
Earth Orientation Parameters

وهي باراميترات نقلت إلينا ذلك الجاذب الغريب في سرعة دوران الأرض
​ وهو التذبذب في طول اليوم على الأرض ، الذي يعرف بواسطة
معلمة وباراميتر الزيادات في طول اليوم 

Excess Of The Length Of Day

على سبيل المثال … هناك من العلماء من يعتقد بأن سرعة دوران الأرض تتأثر وتتذبذب بسبب النشاط الشمسي المتمثل في دورات البقع الشمسية وكذلك الرياح الشمسية واتصالها بالمجال المغناطيسي للأرض

ومن العلماء من يعتقد بأن سرعة دوران الأرض تتأثر وتتذبذب بسبب حركة المد والجزر في المحيطات

ومن العلماء من يعتقد بأن سرعة دوران الأرض تتأثر وتتذبذب بسبب حركة الغلاف الجوي

وخاصة الرياح الغربية فيه وأكبر نظام للرياح الغربية في كوكب الأرض هو تذبذب مادن جوليان
أو ما أسميه دوما بتذبذب الرياح المدارية

وأكبر الأنظمة في تذبذب الرياح المدارية هي موجة كلفن الاستوائية التي تتحكم في تطرف حركة تيارات مياه المنطقة المدارية – التيارات العرضية
التي تتناوب الاتجاه ما بين الشرق والغرب أو العكس

Picture


وهي إحدى صور نشاط دورة نسيم البر والبحر الكبرى في كوكب الأرض وتذبذبها عبر طوري تدفقها الشائعين وهما

طور تدفق الرياح إلى ناحية المنطقة المدارية + وطور تشتت الرياح إلى خارج المنطقة المدارية

وهذا طور تقارب الرياح إلى داخل المنطقة الاستوائية​ ، وعكسه بالطبع طور تشتت وتدفق الرياح إلى خارج المنطقة الاستوائية

دورة نسيم البر المدارية الكبرى – معالجة رياضية بواسطتي

Picture

وهنا دورة نسيم البحر المدارية الكبرى – معالجة رياضية بواسطتي

Picture


هذا التذبذب يعرف أيضا بالحمل الحراري المنظّم ، لأن الرياح في كوكب الأرض كلها عبارة عن تيارات أو دوامات من الحمل الحراري ، جزء ضخم منها ينتظم في مجموعات ضخمة ، هذه المجموعات الضخمة المنتظمة تعرف علميا اليوم بتذبذب مادن جوليان
​أو ما أسميه عادة : تذبذب الرياح المدارية


السبب في ذلك أن تذبذب مادن جوليان ، نظام يجمع بين حركة الغلاف الجوي وحركة تيارات المحيطات في الأرض
أي أنه يمتلك حركة كتلة ضخمة وله كمية ضخمة تتحرك مجتمعة ولديه إضافة ضخمة على زخم الغلاف الجوي الزاوي
خاصة أثناء نشاطه الأعظم ويؤثر بذلك على سرعة دوران الأرض
​​
​ وهذا الرأي من أكثر الآراء الحديثة المطروحة قوة ، لأنه مصحوب بمؤشرات تدل على ذلك مباشرة

وأنا هنا قد قمت بحساب الحمل الحراري النشط وتقدير تدفق الرياح إلى داخله

هذه الخريطة صورة مبسطة للحمل الحراري النشط ، بالطبع كل حمل حراري نشط يقوم بتطويره الحمل الحراري الضعيف وغير النشط الذي يكون بالتوازي معه في التكوين ، قمت بتجاهل الحمل الحراري غير النشط في هذه الخريطة .. الهدف هو رؤية كيف ينتشر الحمل الحراري النشط وتتدفق إليه الرياح المدارية والعالمية بشكل منفرد

Picture


:::


ولكن أخذا بمقولة – طقس الأرض الداخلي – يعنون به حركة صهارة جوف الأرض – يظل هذا المؤثر المجهول في جوف الأرض جاذبا غريبا في تذبذب سرعة الأرض وتذبذب المناخ أيضا ، ويظل مجهولا بطبيعة الحال في تدفقه ، وبالتالي يظل تأثيره متوقعا لا محالة

ومن العلماء من يعتقد بأن تذبذب سرعة دوران الأرض يعود إلى البراكين والزلازل الضخمة التي تحدث في كوكب الأرض

إن الآراء في ذلك متنوعة ولابد من جمعها هنا ، ولا ضير في أن تكون جميعها تحدث في آن واحد بنسب متساوية
أو متقاربة


:::

إنك وأنت ترى هذه القضية تنال تشعبا ضخما في الطرح ، تود لو أن هناك رابطا بينها

 وإن أحد من حاولوا المواءمة بين ذلك التشعب ، هو الدكتور السويدي نيلز أكسل مورنر

Nils-Axel Mörner

​إذ له مقولة أثارت اهتمامي كثيرا في إحدى أطروحاته العلمية المنشورة

Picture


ولعلي أستشهد بمقولته هذه التي يقول فيها

The correlations established between changes in solar activity and Earth’s rate of rotation can only be understood in terms of the interaction of the Solar Wind with the magnetosphere and its effects on Earth’s rotation

في الواقع أن هذه المقولة ، هي ما يفتح الباب على مصراعيه في أن التغيرات التي تحدث في حركة الرياح العالمية وتغيرات كتلة المياه في كوكب الأرض وتغير سرعة دوران كوكب الأرض وهي ليست أحداثا يسيرة

​ هي تعود لتلك العلاقة بين الغلاف المغناطيسي لكوكب الأرض والرياح الشمسية

لذا فإن المقاييس الحالية من ناحية الترابط صحيحة

​ ولكنها ليست مباشرة أو بسيطة كما تخيلها الفيزيائيون ..  وليست بهذه البساطة التي يتخيلها الأرصاديون أيضا كما هي خيالاتهم البسيطة دوما

لذا يرى نيلز أكسل في أبحاثه أن التغير في سرعة دوران كوكب الأرض هو من يتسبب في تلك التغيرات الدراماتيكية الكبيرة التي تحدث في الغلاف الجوي وعلى الرياح العالمية .. وهو تغير في الغلاف الجوي يحدث كرد فعل وكأنه غير معروف أو منضبط تماما

وبالتأكيد من ضمن ردات الفعل : تذبذب الرياح المدارية الذي تشمل موجاته مناطق واسعة من كوكب الأرض

إنه الحمل الحراري الضخم والمنظَّم ، واسع الانتشار .. الذي يصحبه اختلافات ضخمة في مناخ كوكب الأرض .. ضخمة جدا
يمكن قراءتها ببساطة عبر النماذج التحليلية مباشرة

​وهو هنا في هذه المحاكاة المنفّذة في وكالة ناسا الأمريكية

المرحلة الكبرى من نشاطه ، وهي تحدث خلال الفترة بين نوفمبر حتى أبريل 

محاكاة نشاط واضمحلال الحمل الحراري خلال دورات تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان
NASA – MJO : OLR + Wind at Surface – Anomaly


​محاكاة تطرف حركة تيارات مياه المنطقة المدارية – تطرف درجات سطح المياه – وتطرف الأمطار خلال دورات تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان

NASA – MJO : SST + Rain – Anomaly 


ويرى الدكتور السويدي نيلز أكسل مورنر أيضا أن سبب تطرف وتغير حركة تيارات المحيطات المدارية والعالمية يعود بدايةً لتلك العلاقة بين الغلاف المغناطيسي لكوكب الأرض والرياح الشمسية
​ والذي تستجيب لها الأرض بتغيير نمط سرعة دورانها (تذبذب قدر طول اليوم في الأرض في الملي ثانية) ثم تبدأ التغيرات تنتشر في أنظمة الأرض الأخرى

إنه يعتقد أن تلك الحلقة هي المفقودة لإنتاج تلك السلسلة الطويلة من التغيرات التي تحدث في مناخ كوكب الأرض

يؤكد نيلز مورنر أن سنوات نشاط البقع الشمسية ، هي إحدى دلائل شدة الرياح الشمسية
التي تستجيب لها سرعة دوران كوكب الأرض فتبطئ أكثر من المعتاد وفق مقاييس الساعات الذرية

ويسجل مؤشر الزيادة على طول اليوم الأرضي ارتفاعا ، يدل ذلك الارتفاع على تباطؤ في سرعة دوران الأرض

ويؤكد أيضا أن سنوات خمول البقع الشمسية ، هي إحدى دلائل ضعف الرياح الشمسية
والتي تستجيب لها سرعة دوران كوكب الأرض فتتحرر سرعة الأرض من البطء
وتظهر مؤشرات الزيادات على طول الأرضي نقصا في الزيادة ، أي أن سرعة الأرض لا تواجه قصورا ولا تتباطأ

وكل هذه التغيرات تنتهي على شكل استجابة مناخية متنوعة بين الغلاف الجوي والمحيطات 
ويظهر فيها تذبذب الرياح المدارية بشكل مختلف كل مرة

:::

يجب قراءة هذه المعلومات على أنها مجرد إضافات تستحق الذكر .. والمسألة لا تزال أكبر مما يتخيله مورنر وأنا أيضا

وهي من أسرار كوكب الأرض والتي لم تكشف بعد وهي عسيرة على الجميع
وجهود العلماء فيها متنوعة ومتغيرة ومتطورة وليست على ثبات أبدا

في الواقع .. الآراء كثيرة … ولكن ما يهمني منها دوما هو تذبذب الرياح العالمية والمدارية .. تذبذب مادن جوليان
الذي ينشط على فترتين : الكبرى تحدث بين نوفمبر حتى أبريل ويسمى بتذبذب مادن جوليان
والثانية : الصغرى وتحدث بين مايو وأكتوبر ويسمى بتذبذب الرياح الموسمية

ومن هنا جاء سبب تسميتي لهذا التذبذب .. تذبذب الرياح المدارية جمعا للتسميتين ، وهما وصفان لظاهرة واحدة يختلف نشاطها عبر الزمن

إن القيمة الكبرى المؤثرة في مناخ كوكب الأرض هي أكبر كتلة حمل حراري تتحرك في كوكب الأرض

​ ولا يوجد سوى تذبذب الرياح المدارية كنظام غريب الأطوار في نوع استجابته للنشاط وفي شدة صعوبة التنبؤ في حركته ونشاطه وتأثيره

ولا يمكن أن أنفي تأثير دورات نشاط الشمس والمجال المغناطيسي للأرض والعمليات الضخمة التي تحدث في جوف الأرض
بل هذه ربما تكون السبب القوي والكامن لحدوث الأنشطة الغريبة في حركة تذبذب الرياح العالمية ​

​:::::​


في إحدى مقالاته العلمية ، يقول الجيوفيزيائي المختص في مغناطيسية وجيولوجيا الأرض ، الدكتور ستانلي رانكورن

Stanley Keith Runcorn

Picture


يقول

فلو صحت الصورة التي رسمناها لميكانيكية المجال المغنطيسي
فلابد أن نفترض أن نواة الأرض تدور داخل طبقة الغلاف
وهناك من الأدلة الفلكية الوجيهة ما يؤيد صواب هذا الفرض

فسرعة دوران الأرض حول نفسها ليست سرعة ثابتة ، إذ تشير القياسات الدقيقة إلى أن فترة دوران الأرض حول نفسها في تغير طفيف مستمر

غير أن قانون كمية الحركة الزاوية ينص على أنه إذا تغيرت سرعة الحركة الدورانية لسطح الأرض فلابد أن يتوازن هذا التغير بتغير سرعة جزء آخر في جوف الأرض

وعلى هذا فإنه إذا زادت سرعة الطبقة الغلافية من الأرض فإن سرعة النواة لابد أن تقل ، والعكس بالعكس

وأبسط طريقة لتفسير هذه التغيرات في السرعة هو أن نفترض أن كلاً من نواة الأرض والطبقة الغلافية يؤثر على الآخر بطريقة تولدها التيارات الكهربائية (وهذا الأثر مطابق للتأثير الواقع في المحرك الكهربائي بن ذراعه المتحرك وملفاته) ، وأي تغير يطرأ على التيارات في نواة الأرض يغير من مقداره القوة الواقعة بين النواة والغلاف، وبالتالي يغير من سرعة دوران كل منهما بالنسبة للآخر . وإذا حدث تغير فجائي فإنه ينشأ عنه زيادة كبيرة فجائية أو نقص كبير فجائي في سرعة دوران سطح الأرض

والواقع أن سرعة دوران سطح الأرض قد زادت في عام 1897 زيادة فجائية بما يقرب من 1000 / 3 من الثانية في اليوم
كما أنها في عام 1914 قد نقصت بنفس القيمة تقريباً

هذه المقولة مقتطفة من كتاب حقائق عن كوكب الأرض

تنويه : في الواقع أن الزيادة حدثت في قريبا من عامي 1912 و 1913 تقريبا وفي عام 1903
​ وأن سرعة دوران الأرض زادت قريبا من عام 1868 وليس 1897
​وذلك في آخر الأبحاث ، وقد يكون للدكتور مصادره الأرشيفية الخاصة به غير المنشورة ، فهو أستاذ قدير ومشهور في هذا المجال

​::::::


أيا كانت هذه الأطروحات .. إلا أنها في الواقع تشير إلى الترابط بين تذبذب سرعة دوران الأرض وبين تذبذب المناخ

وأن النماذج العددية المناخية الحالية خيالها بسيط وساذج جدا حتى الآن في محاكاة مناخ كوكب الأرض على أنه مناخ ظاهرة واحدة
معروفة وانتهى الأمر

بينما الواقع يصرخ بصوت عالي قائلا : لا .. ونعم للشمول في كل شيء

فإذا كانت الأرض تتلقى من الفضاء هباء جويا بين 5 إلى 300 طن يوميا فهذا يعني أن المناخ يحتاج إلى المزيد من التعديل كل موسم ، وليس ثابتا على قيمة واحدة قطعا ، وستظل قيمة : غرابة النشاط والتذبذب ماثلة فيه دوما باستمرار



مناخ الصحراء وعلاقته وارتباطه بتذبذب سرعة دوران الأرض حول نفسها وتذبذب طول اليوم في الأرض

Picture


كنت أقرأ كتاب الكوكب المميز للمؤلفين غييرمو غونزاليز وجي ريتشارد ، وقد شدني فيه الكثير من القضايا التي أثاراها
خاصة ما يتعلق منها في وجود الصحاري ، وقد علّقا ذلك السبب في وجود الصحاري على قيمة انحراف محور دوران كوكب الأرض الحالية

23.5 degrees

ولكن القضية أكبر من ذلك فيما يبدو .. مع العرفان لهما بجميل الطرح

​ثمة حقائق علمية لابد أن نعيها قبل الخوض في هذا المعترك

الحقيقة العلمية الأولى : أن تذبذب سرعة دوران الأرض وتذبذب طول اليوم في الأرض يعني أن توزيع الإشعاع الشمسي سيختلف
ولو بقدر يسير ، وأن درجة ميل محور الأرض ستختلف أيضا وبالتالي ستتغير الأنظمة الحرارية في كوكب الأرض بشكل كبير وتتغير مساقط ورقعة هطول الأمطار قطعا

إنها سلسلة أشبه بالحلقات الدراماتيكية

الحقيقة العلمية الثانية : أن مناخ شبه الجزيرة العربية في هذا العصر – بغض النظر عن العصور الغابرة الموغلة في القدم – يتحول إلى الخصب بشكل أكبر حينما يكون هناك تباطؤ في سرعة دوران الأرض وزيادة على طول اليوم في الأرض
​ ويتصف بجفاف أكبر حينما يكون هناك سرعة أكبر في دوران الأرض وتناقصا في الزيادة على طول اليوم في الأرض

باختصار : الفترات التي حدثت فيها زيادات – ثواني كبيسة – على الزمن في الأرض وهو – طول اليوم الشمسي – وأسميه هنا أيضا باليوم الأرضي ، رافقت فترات خصب كبيرة وطويلة مرت بمنطقة شبه الجزيرة العربية مع موجات جافة أقصر بكثير

بينما الفترات التي لم يضف فيها إلى الزمن الأرضي ثواني كبيسة ، فإنها رافقت فترات جفاف كبيرة مرت بمنطقة شبه الجزيرة العربية
مع موجات خصب أقصر

لهذه الحقيقة العلمية سبب فيزيائي سيطول شرحه ، ولابد من ذكره هنا 

إنك قطعا ستصل إلى الإجابة العلمية الآن عن سؤال : لماذا تحول مناخ شبه الجزيرة العربية إلى الخصب في العصور الجليدية ؟

السبب هو تباطؤ سرعة دوران الأرض ، وتزايد طول اليوم في الأرض إبان تلك العصور الجليدية

وإنك قطعا ستصل إلى الإجابة العلمية عن سؤال : لماذا تحول مناخ شبه الجزيرة العربية إلى الجفاف والتصحر ؟

لأن السبب سيكون : تزايد سرعة دوران الأرض ، وتناقص عدد الثواني الكبيسة المضافة إلى زمن الأرض

إن من بين أسباب تزايد سرعة دوران الأرض في الآونة الأخيرة
هو استمرار ذوبان الجليديات التي ضربت الأرض قبل 20 ألف سنة
والتي لا تزال إلى اليوم موجودة ولكنها تراجعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة

نتيجة طابع النشاط الشمسي واستمرار نقص الأوزون في طبقات الستراتوسفير أعالي الغلاف الجوي لكوكب الأرض

إن زيادة سرعة دوران الأرض تعني تزايد الرياح الشرقية العالمية 
وتزايد الرياح الشرقية العالمية يعني ضعف الرياح الغربية التي تصل إلى منطقة شبه الجزيرة العربية ​
​وهي رياح المنخفضات الجوية الممطرة بمشيئة الله ، وزيادة المرتفعات الجوية الجافة التي تصدر عن الرياح الشرقية العالمية
وبالتالي هناك اقتران بين تلك الفترات وبين الجفاف

إن التدفق الشرقي للتيار الهوائي النشط يصنع دوامات هو الآخر بشكل مغاير للتيار الغربي – دوامات تنتهي بتشكل دوامة المرتفع الجوي

بينما تناقص سرعة دوران الأرض يعني المزيد من الرياح الغربية العالمية 
وزيادة الرياح الغربية العالمية تعني أن المنخفضات الشمالية ستكون رقعة انتشارها تتجاوز خط 30 جنوبا

إن فلسفة علاقة التيار النفاث المتدفق العرضي (الشرقي والغربي) بتشكيل المرتفعات والمنخفضات الجوية تبسطها هذه المحاكاة
لنشاط التيار الغربي شمال جزيرة العرب .. كيف يقوم بتشكيل منخفض شمال تدفقه وبتشكيل مرتفع جوي إلى الجنوب من تدفقه


​:::

إن علاقة الرياح الشرقية الاستوائية – أعني التي تنشط على خط الاستواء وفي المنطقة المدارية في أعلى الطبقات الجوية – بالإشعاع وبحركة الأرض من الغرب ناحية الشرق

يبسطها مثال السيارة التي تتحرك من الغرب ناحية الشرق وفي أعلاها رجل يلقي بالكرات إلى الأمام ، تلك الكرات نظرا للسرعة العالية تعود إلى الخلف مباشرة لأنها لا تستطيع مقاومة هذا التدفق ، فيكون بذلك اتجاه السيارة ناحية الشرق بينما الكرات تعاكسها ناحية الغرب

إن هذا الأمر هو سبب وجود الرياح الشرقية على مستوى كوكب الأرض ، أعني هباتها العظيمة التي تعبر كوكب الأرض وكذلك التي تستحوذ على المنطقة الاستوائية وهذا تفسير نستطيع وصفه بالأثر الساكن أعني الدائم بهذا الشكل

حتى تذبذب الرياح الاستوائية شبه ثنائي السنوات
QBO

والذي يتحرك وينشط في الستراتوسفير ، هو جزء من هذه الآليّة

​:::

لكن النمط الغريب من تذبذب تطرف الرياح الغربية والشرقية على مستوى كوكب الأرض كالشكل التالي

في الواقع لابد من ظاهرة تفسر سبب وجوده بذلك الشكل الكبير في الغلاف الجوي للأرض ، أعني الهبات الضخمة والواسعة الانتشار من خلال هذا المخطط الرأسي لتطرف الرياح العرضية بين شرقية وغربية على مستوى كوكب الأرض
​من طبقات عند ارتفاع 16 كم حتى مستوى ارتفاع 3 كم

Picture


هذا النشاط الغربي الكبير في أول المخطط في نوفمبر 2018 هو جزء من حركة تذبذب الرياح المدارية والعالمية ، وهو عادة يساهم في تبطئة دوران الأرض في الملي ثانية ، بينما التدفق الشرقي الكبير للرياح المدارية والعالمية الذي جاء في ديسمبر 2018 كمثال ليس للحصر ، هو عادة يساهم في الحد من تناقص دوران الأرض ويمنع وجود الزيادات على طول اليوم في الأرض وهو ناتج أيضا عن تدفق تذبذب الرياح المدارية
وهو مرحلته الأخرى

إن تدفق تذبذب الرياح المدارية لو جئنا بتمثيله على خط الأعداد أو خط زمني لوجدنا أنه عبارة عن تدفقين ضخمين من الرياح الغربية والشرقية
يغمران كوكب الأرض

إن من بين الآثار الدراماتيكية المتصلة بين تذبذب الرياح المدارية العالمية وبين تذبذب طول اليوم في الأرض ، ما يلي

حيث حينما تزداد سرعة دوران الأرض حول نفسها في الملي ثانية

إنه على ما يبدو أن دوامات الحمل الحراري – الضغط المنخفض – تصبح شديدة وكثيرة في الغلاف الجوي للأرض خاصة حول القطبين

وبالتالي هناك انتقال شديد للمنخفضات الجوية شمال الكرة الأرضية
حول القطب الشمالي كمثال ، وضعف في انتشار تلك المنخفضات ناحية الجنوب ، أعني ناحية خط 30 شمال خط الاستواء

بينما يعتري دوامات الحمل الحراري نقصا في الكثرة والشدة حينما تبطء سرعة دوران الأرض حول نفسها في الملي ثانية
وبالتالي هناك ميل لدى المنخفضات الجوية شمال الكرة الأرضية أن تهبط من مناطق تكونها إلى خط 30 شمال خط الاستواء 

لهذا الوصف النظري سبب فيزيائي ضخم التأثير ، وله كل هذا التأثير العظيم .. وهو

تأثير كوريوليس

Coriolis Effect

​والمعروف أيضا بتسارع كوريوليس

Picture

The Coriolis Effect – By: NAP EDU


تعتبر هذه الظاهرة التي تعتري بشكل واضح أنظمة التدفق الكبيرة في الأرض

على الرغم من أن تسارع كوريوليس ذا قيمة تبدو صغيرة إلا أنها عظيمة التأثير مع تلك الأنظمة المتدفقة الضخمة
كالغلاف الجوي وتيارات المحيطات على سبيل المثال لا الحصر

ولأن سرعة الأرض غير متساوية ، فهي أكبر ما تكون عند خط الاستواء وتتناقص بشدة تلك السرعة كلما اتجهنا ناحية القطبين ، فإن الغلاف الجوي للأرض تتشوه ظاهريا حركته ويتصف بالدوّامية ، فتتشكل فيه دوامات الحمل الحراري المسماة بالمنخفضات والمرتفعات الجوية وما يعرف أيضا بموجات روسبي ، وهي ناتجة عن قيمة تسارع كوريوليس

هذه القيمة تتزايد تأثيراتها كلما اتجهنا ناحية القطبين وتتناقص كلما اتجهنا ناحية المنطقة المدارية 

لذا ، فإنني أقول وفق هذا الأمر

أن قيمة تأثير كوريوليس على دوران الرياح في الغلاف الجوي للأرض ستكون أكبر بكثير حينما تزداد سرعة دوران الأرض في الملي ثانية وبالتالي يصبح ميل المنخفضات ناحية الشمال الشرقي ضخما للغاية

​وينشأ وينشط التيار النفاث الغربي عند خط 30 شمال خط الاستواء ، كأقرب خط للمنخفضات الشمالية وصولا إلى شبه الجزيرة العربية ، وينشط التيار النفاث الشرقي على مناطق الصحاري العربية والأفريقية
​ 
​بينما تنخفض قيمة تأثير كوريوليس على دوران الرياح في الغلاف الجوي للأرض حينما تتباطأ سرعة دوران الأرض في الملي ثانية ويتزايد زخم الغلاف الجوي الزاوي في كوكب الأرض

وبالتالي لا تميل المنخفضات بشدة ناحية الشمال الشرقي ، بل تهبط مناطق تكونها وصولا إلى ما دون خط 30 شمال خط الاستواء ، حيث يتشكل شمال خط الاستواء بعدة درجات تقريبا عند خط 15 درجة تيار نفاث غريب جدا

إنه التيار النفاث الذي أسميه تيار أبها الغربي ويعرف بتيار أفريقيا الغربي ، فتتشكل منخفضات شبه الجزيرة العربية
​ وبالتالي يضعف وجود ونشاط التيار الغربي الذي كان نشطا شمال خط 30 شمال خط الاستواء
​​
وفي الواقع أن تيار أبها أو ما يعرف بتيار أفريقيا الغربي ، وهو تيار نفاث في طبقات الجو العليا بين مستويات 200 و 700 هكتوباسكال يظهر دائما كاستجابة لذلك التغير ، ويكون أحد عوامل نشوء المنخفضات على مناطق جافة كمنطقة شبه الجزيرة العربية

:::

لخّصت هذه العلاقة بين تيار أبها وبين تذبذب زخم الغلاف الجوي وبين تذبذب طول اليوم في الأرض بهاتين الخريطتين التوضيحيتين

تيار خط 30 الشمالي نشط – هناك تناقص في زخم الغلاف الجوي وهناك تناقص في زيادات الثواني على اليوم في الأرض – مرتفعات شبه الجزيرة العربية نشطة

Picture

تيار أبها النفاث نشط – هناك زيادة في زخم الغلاف الجوي وهناك زيادة على ثواني اليوم في الأرض – منخفضات شبه الجزيرة العربية نشطة

Picture


لذا .. فإن تطور التيار النفاث الذي أسميه بتيار أبها ، لا يعتبر حدثا صغيرا في كوكب الأرض ، بل هو نتاج حركة ضخمة في الغلاف الجوي للأرض تسببت في ظهوره ، وهو دائما ما يترافق مع أنشطة تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان ، وهذا يفتح أسئلة كثيرة في هذا الشأن
​أتركها في طرح منفصل إن شاء الله

::

هذه الصورة التي التقطتها الأقمار الصناعية – وكالة ناسا

مثال بسيط على تأثير كوريوليس .. هذا المنخفض الشمالي الذي تشكل في هيئة رقم 9 يحمل لنا إجابات كثيرة على ما نريد هنا

لماذا تشكل هذا المنخفض بهذه الهيئة ؟

هو لأن تأثير وتسارع كوريوليس غير متساوي القيمة بين شمال المنخفض وجنوبه
فهو في ذيل المنخفض يبلغ أقل درجات التأثير وبالتالي تضعف قدرة الرياح على الالتفاف
ويبلغ التأثير مداه الأكبر في أعلى المنخفض

Picture


ما أريد الوصول إليه بهذا المثال

إلى أن ما يحدث للغلاف الجوي عند تنامي سرعة دوران الأرض فوق معدلاتنا الطبيعية التي نقيسها ، فإنه يزيد من شدة درجات تأثير كوريوليس العالمية على الغلاف الجوي ، وبالتالي تزداد فترات تواتر نشاط المنخفضات حول الدائرة القطبية الشمالية بشكل طاغي

وهذا ما يجعل نشاط الرياح العرضية الشرقية متعاظما في المنطقة المدارية ، وهو تأثير يظهر بشكل واضح وجلي فوق الصحاري وخاصة صحراء شبه الجزيرة العربية

بينما تباطؤ سرعة دوران الأرض فوق معدلاتنا الطبيعية التي نقيسها ، فإنه يقلل من درجات تأثير كوريوليس على الغلاف الجوي عالميا
وبالتالي نرى التيار النفاث يتشكل بشكله الغريب شمال خط الاستواء بدرجات يسيرة وتتشكل منخفضات شبه الجزيرة العربية في تلك الجهات الموغلة في الجفاف والقحط  ، كمثل هذا الفيديو المعبر عن النشاط خلال مايو 2019 الماضي


رقعة هطول الأمطار المتراكمة خلال قبل الأسبوع الأخير من مايو 2019 الماضي 

Picture


هذه الحقيقة الفيزيائية التي أتحدث عنها هنا .. قام بتطبيقها مجموعة من الفيزيائيين .. فلننظر إلى ما خرجوا به من نتائج عندما تخيلوا ذلك

​إنها نتائج تستحق الذكر

​:::::

معهد ماكس بلانك وبكوكبة من الباحثين في مركز حوسبة المناخ في ألمانيا
أنتجوا في نهاية 2018 عملا علميا بديعا حول اتجاه دوران كوكب الأرض من الشرق ناحية الغرب 
وأثر اتجاه الدوران على المناخ العالمي ، مع الاحتفاظ بثوابت الأرض الأخرى

ليس القضية في المحاكاة معرفة كيف ستنتهي الحياة على الأرض وتنجرف الأرض عن مسارها عند تبدل اتجاه دورانها ، إنما القضية المراد فهمها في تلك التجربة : ما هو تأثير ذلك التغير في الاتجاه على مناخ الأرض

Picture


ما هو الجديد لدى مركز الحوسبة المناخية في ألمانيا ؟ 

German Climate Computing Center

 في نشرات مركز الحوسبة المناخية في ألمانيا

وهو أحد المراكز الكبرى في العالم ، المتخصصة في أبحاث المناخ ومحاكاة المناخ العالمي لكوكب الأرض

جاء في تلك النشرات .. أن فريقا علميا مكوّنا من عشرين عالما أتوا من معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية
ومركز الحوسبة المناخية في ألمانيا وجامعة هامبورغ وجامعة ريدينغ البريطانية

وحققوا إجابة علمية أراها جيدة على الفرضية الفيزيائية القائلة

ماذا سيحدث لمناخ كوكب الأرض لو عكست الأرض دورانها الحالي من الغرب ناحية الشرق إلى جهة معاكسة بحيث تدور اتجاها من الشرق ناحية الغرب ؟


وكانت الدراسة بعنوان

The climate of a retrograde rotating Earth

استطاع هذا الفريق العلمي محاكاة حالة مناخ كوكب الأرض لو انعكس دوران الأرض وباتت تدور من الشرق إلى ناحية الغرب

لتشرق الشمس من الغرب وتغرب في الشرق 

سأورد من النتائج وتلك الدراسة ما يهمنا في مناخ الصحراء

Picture

إن أولى الحقائق العلمية التي قدمتها لنا تلك المحاكاة .. هي قيمة تأثير كوريوليس ، وشيء آخر

​إنه تذبذب الرياح المدارية في مرحلته الصيفية التي هي اليوم أضعف ما تكون تأثيرا على مناخ شبه الجزيرة العربية

تحولت حركة هذا التذبذب الموسمي في المحاكاة إلى حركة ضخمة جدا

ما الذي حدث لمناخ شبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى ؟

هكذا يبدو الغطاء النباتي بعد عكس الدوران وقبل عكس الدوران في المحاكاة

Picture

لقد تحول مناخ شبه الجزيرة العربية إلى جنات ومروج وأنهار تجري نتيجة تحول قيم مناخية كبيرة كانت دوما تصنع المرتفعات الجوية الجافة وأصبحت تصنع المنخفضات الجوية النشطة باستمرار

​لقد كان تحول شبه الجزيرة العربية إلى الخصب مذهلا

Picture

ما الذي حدث بالضبط ؟

في الواقع أن مثل هذه المحاكاة تفيدنا كثيرا في فهم الكيفية التي يؤثر فيها دوران الأرض حول نفسها على المناخ العالمي

وهي الفائدة التي قصدتها في تعقيبي على حديث غييرمو غونزاليز وجي ريتشارد
 في كتابهما : الكوكب المميز 

إن التأثيرات كثيرة وكبيرة .. ولكن أبرزها هو : المسار الظاهري لأشعة الشمس التي تأتي من الشرق وتتجه إلى الغرب ومعها الشرقيات الاستوائية ، أعني الرياح الشرقية المدارية التي تتعاظم في المنطقة المدارية 

كذلك الحمل الحراري في دورته النهارية .. الذي يتعاظم وجوده وتأثيره صيفا

وكذلك مدى وقوة تأثير كوريوليس حيث أن الغلاف الجوي يتصف بالدوامية نظرا لأن حركة الأرض كجسم كروي غير متساوية بين المنطقة المدارية والمناطق القطبية فيها

فينتج بسبب دوران الأرض دوامات الغلاف الجوي التي هي شكل من أشكال الحمل الحراري​

لقد انعكست قيمة تأثير كوريوليس على المناخ في المحاكاة بعد عكس الدوران
​وتحولت حركة الرياح بشكل معاكس للوضع الحالي ، وتبدلت المرتفعات الجوية إلى منخفضات جوية
وتحول مناخ أوروبا إلى ما يشبه العصر الجليدي خلال فصل الشتاء بشكل كبير

إن تدفق الإشعاع الشمسي اليوم من الشرق ناحية الغرب .. لراصد عند نقطة ثابتة وجهة محددة : النهار يأتي ثم يعقبه الليل ، قادما من الشرق ناحية الغرب

هذا الترتيب في الاتجاه له أثر ضخم على المناخ والرياح والغلاف الجوي ككل وعلى المحيطات

إنه أثر مقصود ومحدد ومعلوم الآثار 

ولكن عند عكس دوران الأرض في المحاكاة الفيزيائية في المركز الألماني .. بدأ للراصد عند نقطة ثابتة وجهة محددة ، ترتيبا مختلفا عن الترتيب الماضي ، حينما كان النهار يأتي من الشرق فيتلوه الليل ، في رحلة الإشعاع التي تأتي من الشرق وتتجه ناحية الغرب 

لقد أصبح الترتيب مختلفا : ليل ثم نهار يأتيان من الغرب ويرحلان ناحية الشرق ، رحلة الإشعاع في المحاكاة أتت من الغرب متجهة ناحية الشرق
لتشرق الشمس من مغربها وتغرب في مشرقها الحالي

ربما لو قيل لأحد : ما الفرق بين جملة “الليل والنهار” وجملة “النهار والليل” قبل هذه المحاكاة ، لم يكن يعلم الفرق الدقيق بينهما
وما يعني لنا هذا التساؤل عن الفرق بينهما

ولكن في الفيزياء المناخية .. إن الفرق عظيم جدا

إنه يعني حركة جديدة في الغلاف الجوي لكوكب الأرض ، وتبدل تام للتيارات الهوائية في كوكب الأرض
وتغير ضخم في الحمل الحراري النهاري في كوكب الأرض وتغير في رقعة هطول الأمطار ودرجات الحرارة والثلوج ومساحة الجليد
والغطاء النباتي وتغير في تيارات المحيطات ودرجات حرارتها
​​​
بين هاتين الجملتين بون وفرق شاسع ولا شك

​:::


لقد تحول مناخ شبه الجزيرة العربية إلى الخصب طوال 6 أشهر خلال الفترة الموسمية في المحاكاة
الفترة الموسمية للأمطار التي تستمر عادة ما بين مايو حتى أكتوبر

​لقد تبدلت أنظمة الرياح الموسمية
Monsoon systems

​وأصبح الخصب يصل الصحراء بشكل قوي


خلال الفترة ما بين مايو حتى أكتوبر ؟ ما هي الظاهرة التي تتواجد اليوم ولكنها لا تستطيع إعادة شبه الجزيرة العربية مروجا وأنهارا ؟ 


​إنه تذبذب الرياح المدارية في مرحلته الصيفية .. نعم

يعرف اليوم بمسمى

Monsoon Intraseasonal Oscillation (MISO)
​تذبذب المونسون بين – الموسمي

هذا التذبذب بين النشاط والخمول في نشاط الرياح الموسمية خلال تلك الفترة بين مايو – أكتوبر من كل عام
هو جزء من تذبذب الرياح المدارية المعروف اليوم بتذبذب مادن جوليان
​وهو نفسه ولكنه يتحور خلال فصل الصيف لينهج هذه الحركة وهذه الديناميكا المميزة
التي توضحها لنا هذه المحاكاة من وكالة ناسا

​محاكاة نشاط واضمحلال الحمل الحراري خلال دورات تذبذب الرياح المدارية – المونسون – فترة النشاط غالبا ما بين مايو – أكتوبر
NASA – MISO : OLR + Wind at Surface – Anomaly

​محاكاة تطرف حركة تيارات مياه المنطقة المدارية – تطرف درجات سطح المياه – وتطرف الأمطار خلال دورات تذبذب الرياح المدارية – المونسون – فترة النشاط غالبا ما بين مايو – أكتوبر

NASA – MISO : SST + Rain – Anomaly 


لم أشأ أن أعلق على كامل تفاصيل هذه الدراسة وهذه المحاكاة التي نفذت في المركز الألماني

ولكنني جئت بها فقط لأدلل على أن تذبذب دوران الأرض مؤثر في المناخ بشدة ، بل متحكم بتفاصيل المناخ تماما

إن زيادة 2 ملي ثانية على زمن اليوم في الأرض لا يعني فقط تباطؤا في سرعة دوران الأرض ، بل يعني أيضا توسعا في رقعة هطول الأمطار لتشمل الصحاري الجافة

إنه بمجرد إيقاف دوران الأرض الحالي وعكسه في المحاكاة الماضية تحولت شبه الجزيرة العربية مروجا وأنهارا ، وهي أيضا تتحول إلى الخصب عندما يتعطل هذا الدوران الحالي 2 ملي ثانية فقط

إنها ليست مصادفة عجيبة ، بل حساب محدد معلوم ، جاء باختيار وعناية تامة من لدن حكيم عليم

فسبحان الله

لنا لقاء إن شاء الله

:::::

​كتبه … خالد العتيبي

counter create hit